عدنان ولينا : هل فقدنا الأمل في السلام ؟

حين يصبح فناء البشرية مصيرا لا مهرب منه

NHK / NIPPON ANIMATION ©

رغم الطفولة البريئة التي تفيض بها ملامح بطليه الصغيرين عدنان ولينا، قد يكون هذا واحدا من أكثر مسلسلات الأنيمي القديمة تعقيدا. فكون البشرية على حافة الانقراض بعد حرب عالمية ثالثة لم يمنع شخصياته من مقاتلة بعضها وكأننا في حاجة إلى مزيد من الدمار.

مغامرات عدنان ولينا 未来少年コナン Mirai Shōnen Conan مسلسل أنيمي ياباني بث على شبكة NHK عام 1978. وعلى غرار أغلب أعمال استوديو نيبون أنيميشن، تم اقتباس قصته من رواية خيال علمي غربية بعنوان The Tredible Tide (المد الهائل) للمؤلف الأمريكي ألكساندر كي.

تدور أحداث الرواية في عالم ما بعد الحرب العالمية الثالثة التي اندلعت عام 2008 وخلفت دمارا هائلا في البر والبحر، بعد أن استخدمت فيها الأطراف المتحاربة أسلحة مغناطيسية حديثة أدت إلى كارثة انقلاب محاور الكرة الأرضية. وتتمحور القصة حول فتى يسمى Conan (عدنان) نشأ تحت رعاية جده على إحدى الجزر المتبقية، ورفيقته Lana (لينا) ذات القدرات غير العادية، وثلة من أصدقائهما وأقاربهما الذين يتحدون جميعا للوقوف في وجه جنود زعيم الشر Lepka (علام) الذي يحاول بشتى الطرق الحصول على أسرار الاستعمال العسكري للطاقة الشمسية ليسيطر على العالم – أو بعبارة أكثر دقة – على ما تبقى منه.

بعد اتفاق مع شبكة تلفزيون NHK تولت عملية تنفيذ إنتاج المسلسل شركة Nippon Animation وقدمته في 26 حلقة تحت إدارة وإخراج Hayao Miyazaki الذي أصبح واحدا من أشهر وألمع مخرجي الأنيمي في العالم كله، خاصة بعد أن أسس (استوديو غيبلي) رفقة صديقه Isao Takahata والذي كان له دور أيضا في الإشراف الفني على هذا المسلسل إلى جانب المصمم Yoshiyuki Tomino.

حين طلب من ميازاكي تولي عملية الإخراج، اطلع على الرواية الأمريكية ثم اشترط أن يسمح له بإجراء تغييرات مهمة على القصة الأصلية. لم يحب النظرة المتشائمة السائدة فيها ورغب في جعلها على العكس من ذلك، أكثر إشراقا. وقد عبر عن ذلك بقوله: «ليس مبررا أن نفقد الأمل بالمرة، وأعتقد أنه من غير المقبول إن حدث هذا أن نقدمه بأي شكل للأطفال».

بعد 6 أشهر من العمل الجاد، كان بإمكان الشبكة المنتجة عرض الحلقة الأولى على الهواء، غير أن الأمور لم تسر دوما على هذا النحو اليسير، إذ واجه الطاقم أحيانا مشاكل في تسليم بعض الحلقات. «لقد تطلب الأمر منا 8 إلى 10 أيام لإعداد كل حلقة ومع كل تلك التدخلات من مشرفي شبكة NHK كان الأمر ليصير أسوء». يوضح ميازاكي في حوار أجراه بعد سنوات مع محرر مجلة أنيماج Animage.

اشتهر المسلسل في النسخة العربية بعنوان (عدنان ولينا) نسبة لاسمي بطليه الرئيسيين، بعد أن سارعت مؤسسة الإنتاج البرامجي المشترك لدول الخليج في بدايتها إلى شراء حقوق دبلجته عام 1981 وتولى تمثيل أدوار شخصياته عدد من فناني المنطقة المخضرمين كالعراقيين فلاح هاشم في دور عدنان وسناء تكمجي في دور لينا، إلى جانب كل من عبد الرحمن العقل وعلي المفيدي وجاسم النبهان وداود حسين وفوزية عزت. وبث على شبكات تلفزيونية عدة، غير أنه لم يرتبط بأعماق الطفولة العربية كما ارتبطت بها مسلسلات أخرى عرضت في العقد نفسه من قبيل سالي وماوكلي فتى الأدغال وغريندايزر والكابتن ماجد، ولعل ذلك يعود إلى تعقيد قصته التي ظلت سوداوية رغم مجهودات ميازاكي الكبيرة لمنحها بعض الأمل المشرق.