هكذا أثرت الجميلة «كورديليا» شيرلي في حياتي
مترجم عن مقال لـ(كايلين راموس) من موقع Beyourself
عرفتها طفلة صغيرة تحب استخدام كلمات كبيرة، تتحدث دون توقف وتستمتع بالقراءة وابتكار أسماء خيالية لكل شيئ من حولها، فلم تدخل آن ذات الشعر الأحمر إلى حياة (موريلا) و(ماثيو) في مزرعة البراري الخضراء بشمال كندا فحسب، بل دخلت بعمق إلى حياتي أيضا.
لو كان الخيار لي لاخترت أن أسمى «كورديليا» لأنه ببساطة أكثر ذوقا وأناقة. لكن إذا كان من الضروري أن تناديني (Anne) فأرجو عدم إهمال حرف (e). هكذا بدأت علاقتي مع هذه الفتاة التي وجدت نفسها يتيمة تنتقل من بيت إلى بيت فحصلت على نصيبها الوافر من التجارب الصعبة. وأضاف شعرها الأحمر المزيد من الكئابة على حياتها، كلما ذكرها أحد المشاغبين في المدرسة بأن لها ضفائر مثل الجزر.
لا داعي لأبرر لماذا تعلقت بهذه الشخصية كثيرا، لقد أحببتها ببساطة. إنها تجعلني أفكر، وأبتسم، خاصة عندما ترتكب أخطاء سخيفة دون قصد. في الواقع أظن أني أحبها لأنني أرى فيها انعكاسا لي. ولا أتوقع اندهاشا منك إن كنت على سابق معرفة بها، فعلى الأرجح أنها أثرت في روحك أيضا بشكل ما، ولكن بالنسبة لأولئك الذين لا يعرفونها، فليسمحوا لي أن أقدم لهم نبذة موجزة عن هذه (الروح اللطيفة) التي تسمى آن شيرلي وتعيش في مزرعة غرين غابيلز في جزيرة الأمير إدوارد.
التقيت بها لأول مرة عندما كنت طفلة صغيرة، بمثل عمرها في الحلقة الأولى حسبما أظن. كنت أركض فرحة للعودة إلى المنزل فقط لرؤيتها على التلفزيون، لقد أيقنت منذ البداية أنها ستكون صديقتي إلى الأبد. ثم أصبحت صداقتنا أقوى عندما قرأت المزيد عنها. نعم، أنا أشير إلى كتاب (Anne of Green Gables) لمبدعته لوسي مود مونتغمري.
لماذا آن شيرلي من بين كل الشخصيات في الأفلام والروايات؟ لأنها بالفعل فريدة من نوعها. مشاعرها الفياضة تجعلها تنطق بحكم في غاية الثراء وهناك دائما شيء للتعلم في كل كلمة تقولها تلك الفتاة. لكلماتها صدى لا يفارقني، وحينما أكون في أسوء حالاتي المعنوية، لا تتردد أبدا في منحي الثقة ومد يدها النحيلة لي قصد مساعدتي على النهوض مثلما قد يفعل صديق حقيقي.
إنها مكافحة في هذه الحياة، وحساسة عندما يتعلق الأمر بالعائلة والأصدقاء. ولكونها تتحدث أكثر من اللازم، فلطالما أعطتني الكثير من الأفكار التي سأحتفظ بها إلى الأبد هنا في أعماق قلبي. بل أخطط جديا لمشاركة هذه الأفكار مع أطفالي في المستقبل.
يا لها من فتاة مبهجة تستيقظ لتبدأ كل يوم جديد بحب، على الرغم من كل العناء الذي عاشته. رغبتها في بذل أي جهد للوصول إلى طموحاتها، أسلوبها في الاستمتاع حتى بأصغر وأبسط الأشياء من حولها، ونظرتها الإيجابية في الحياة، كلها صفات تؤثر حتى على أبرد شخص تصادفه. والأهم من ذلك كله أنها تعلمنا أن نكون صادقين مع أنفسنا والآخرين بدون خوف من الأحكام المسبقة.
إذا كان لدى بعض الناس ما نسميه «مدرب حياة»، فأنا أعتبر آن شيرلي واحدة من ملهمي الأدبيين والأبديين. فعلى الرغم من أن قصتها مجرد قصة، لكن بصدق لا يسعني إلا أن أستلهم من عزيمتها في الحياة. ويراودني شعور جميل وغريب في الوقت نفسه، فبشكل يشبه اليقين أعلم أن هناك في مكان ما توجد آن شيرلي حقيقية. أنا لا أعرف كيف تبدو ولا أين هي ولكنني واثقة أن تلك الشخصية الساحرة قابلة للوجود في الواقع مهما أبعدها الخيال وكم أتمنى لو ألتقيها ذات يوم.
وكما لكل منا شغف أو موهبة أو نقطة قوة يجب تطويرها ومشاركتها، وكما لكل منا حاجة إلى التعلم ممن يمكن أن يفيده وينير دربه، فهناك دائما شخص ما يستحق أن يكون مصدر إلهام. وإن ضنت به الحياة الواقعية فقد نجده بين صفحات الكتب الرائعة. هل لديك روح شبيهة تلهمك في عالم الأدب أيضا؟ من فضلك، لا تقل لي أنني الوحيدة الذي غرقت بمتعة في هذه البحيرة.