NIPPON ANIMATION : سحر روائع الأدب العالمي

حينما تغدو الرسوم تربية على الذوق الرفيع

STUDIO NIPPON ©

إن كنت من أولئك الأطفال الذين طالما انتظروا انتهاء الدوام الدراسي بفارغ الصبر كي يركضوا لمشاهدة حلقة جديدة من مسلسلهم المفضل، فأنت بلا شك فرد من الجيل الذهبي الذي نسجت رسوم (نيبون أنيميشن) أجمل خيالاته.

 منذ أن أعلن عن تأسيسه عام 1975 على يد Kōichi Motohashi في منطقة تامـا بالعاصمة طوكيــو، عرف Studio Nippon بكونه مؤسسة ذات ذوق رفيع تتخصص في مسلسلات البث التلفزيوني المقتبسة من روائع روايات الأدب العالمي.

كانت البداية مع منتصف السبعينات، حينما أعلن أستوديو الأنيمي Zuiyo Eizo الذي أنتج مسلسلات أشهرها Heidi (هايدي فتاة الألب) عن قصة أطفال للكاتبة السويسرية جوهانا سبيري، توقفه عن الإنتاج بسبب أزمات مالية وإدارية. لكن بدل أن يغلق أبوابه نهائيا، انقسمت الشركة فاجتمع فريق من طاقمها الفني ليكملوا المشوار ضمن مؤسسة جديدة حملت اسم Nippon Animation وكان من ضمنهم المخرجان الرائدان هاياو ميازاكي وإيزاو تاكاهاتا اللذين انسحبا بعد سنوات قليلة من أجل التركيز على مشروعهما الخاص (استوديو غيبلي).

دشنت الشركة الجديدة مسارها الواعد بإنهاء العمل على مسلسل Maya the Bee (زينة ونحول) وبعدها A Dog of Flanders الذي أخذ في النسخة العربية عنوان (بائع الحليب). وظلت وفية لخيارها الأدبي الأنيق الذي جعلها تتميز عن بقية مؤسسات الإنتاج المنافسة، مواصلة بث روح الأنيمي في روائع الأدب العالمي لتحيلها إلى حلقات ومشاهد تفيض بأرق الأحاسيس، وتخلب لب كل أطفال العالم من أجيال الثمانينات والتسعينات.

ولأن إنتاجاتها ـ في معظمها ـ مأخوذة من روايات وقصص وحكايات اشتهرت في أوروبا، فقد كانت أعمال نيبون أنيميشن تترجم بسرعة وسهولة وتوزع في الخارج حيث تلاقي إقبالا ورواجا مذهلين. وربما تكون هي المؤسسة الأكثر حظا من ناحية الترجمة والدوبلاج إلى اللغة العربية، فمسلسلاتها ذات النكهة العائلية كانت مناسبة لكل المجتمعات والفئات العمرية ولا تحتاج الكثير من المونتاج أو التعديل. وقد قدمت للطفولة العربية، عن طريق شركات دوبلاج متميزة كمركز الزهرة بدمشق، أعمالا رائعة كان من بينها: السندباد البحري، مغامرات عصام، الفرسان الثلاثة، لوز وسكر، عدنان ولينا، لحن الحياة، ماوكلي فتى الأدغال، شما في البراري الخضراء، صاحب الظل الطويل، أليس في بلاد العجائب، عهد الأصدقاء، ريمي (الفتاة) والبؤساء.

وحتى عندما بدا وكأن نيبون أنيميشن أنهت اقتباس أغلب الروايات العالمية الشهيرة، لم تجد صعوبة في السير على نفس الدرب الناجح رغم التحول إلى إنتاجات يابانية خالصة، فقدمت أعمالا على نفس المستوى من الروعة والتميز أشهرها حتى الآن  Hunter x Hunter في جزئه الأول (62 حلقة) الذي عرضته قناة سبيستون مدبلجا للغة العربية بأصوات ممثلي مركز الزهرة تحت عنوان (القنــــاص). كما أن واحدة من أشهر إنتاجاته التي لم تقتبس من أدب عالمي، كانت قصة المشاكسة (ماروكو الصغيرة) التي أنتجت عام 1990 عن مانغا للمؤلفة ساكورا موموكو في مسلسل طريف حظي بحب ملايين اليابانيين واستحق لقب الأنيمي الأكثر مشاهدة في تاريخ البلاد.

في السنوات الأخيرة، وفي شراكة مع مؤسسة الألعاب الشهيرة Takara Toys أنشأت الشركة فرعا أطلقت عليه اسم (نيبون أنيميديا) لينتج بشراكة مع أستوديو مادهاوس أعمالا من نوع آخر كان من بينها مسلسل بي بليد (2001) وبيدامان في (2005). وإن كانت الدوافع التجارية واضحة في التخصص، فإن أرباحه المالية لم تبلغ يوما ما حققته الشركة من مكاسب معنوية من مسلسلاتها الأدبية الخالدة التي سحرت العيون وسكنت القلوب.