لماذا أوقف تلفزيون فوجي بث روائع الأدب العالمي؟
مقال مترجم عن Anipages بتصرف (pelleas.net)
بلا أدنى شك، يمكن تصنيف سلسلة روائع الأدب العالمي ضمن أكثر مسلسلات الرسوم المتحركة تأثيرا على الإطلاق، فقد ساهمت قصصها التي كتبت بصدق ورسمت بإحساس في نسج وجدان شريحة واسعة ممن أصبحوا يعرفون في عالمنا اليوم بجيل الطفولة الذهبية.
عندما قررت مؤسسة تلفزيون فوجي FUJI TV اليابانية أن تخصص الساعة (19:30) من مساء كل أحد لعرض أنيمي أسري كانت تراهن على جذب اهتمام الأطفال وكسب احترام أهاليهم، ولذا وجدت نفسها في حاجة إلى شركات تنفيذية قادرة على تزويدها بشكل مستمر بأعمال ذات معايير جودة عالية (52 حلقة تعرض بمعدل حلقة جديدة كل أسبوع).
كان مفهوم الاقتباس الأدبي الذي يمتد على مدار السنة ابتكارا حقيقيا أسهم في جلب أفضل ما في الأدب العالمي إلى الشاشة الصغيرة. وعلى مدى عقدين من الزمن أنتج أستوديو نيبون أنيميشن لصالح (فوجي) مسلسلات عدة مأخوذة من كلاسيكيات أدب الأطفال واليافعين في الغرب الأوروبي والأمريكي. منحت السلسلة إسما رمزيا WMT اختصارا لعبارة World Masterpiece Theater (باليابانية Sekai Meisaku Gekijō) وحققت نجاحا كبيرا بقصصها الواقعية التي ترصد ببساطة الحياة اليومية العادية لأبطال صغار وجدوا أنفسهم في مواجهة مصاعب الحياة.
في الواقع أنتجت أول مجموعة من مسلسلات مساء الأحد المميز من قبل Mushi Production و Zuiyo Eizo اللتين قدمتا ما بين سنوات (69 و 74) مسلسلات (دورورو) و(لمياء وشيكو) و(وادي الأمان) و(الغابة الخضراء) و(هايدي فتاة الألب). لكن اللائحة التي استحقت إسم روائع الأدب العالمي رسميا هي تلك التي أنجزتها Nippon وهي بائع الحليب (1975) وداعا ماركو (1976) الراكون راسكال (1977) حكاية بيرين (1978) شما في البراري الخضراء (1979) مغامرات توم سوير (1980) فلونة روبنسون (1981) رحلة لوسي (1982) قصة حنان (1983) فتاة المراعي (1984) الأميرة سالي (1985) بوليانا الصغيرة (1986) نساء صغيرات (1987) الفتى النبيل (1988) مغامرات بيتربان (1989) صاحب الظل الطويل (1990) لحن الحياة (1991) زهرة البراري (1992) حلم نوار (1993) أسرار المحيط (1994) عهد الأصدقاء (1995) الكلب لاسي (1996) ودروب ريمي (1997).
هكذا بدون أبطال خارقين ولا فتيات ساحرات، اعتمدت سلسلة WMT المميزة هذه والتي عمل عليها بعض رواد الأنيمي القادمين من توي أو تيزوكا (من بينهم ميازاكي و تاكاهاتا) مقاربة جديدة للسرد والرسم نالت بسرعة موافقة الأمهات والآباء لما تنطوي عليه قصصها الحافلة بالحزن والحب والمعاناة والأمل والتحدي من بعد تربوي ووجداني، ولكونها مثلت انعكاسا لمشاعر اليابانيين الذين مازالت ذكريات نكسة الحرب الأخيرة عالقة في جدران صدورهم.
سعت فوجي TV لترويج مسلسلاتها في الخارج ولم يكن ذلك صعبا بالمرة، إذ سرعان ما دبلجت سلسلة الروائع إلى لغات متعددة وتم توزيعها في كل أنحاء العالم. لكن مع منتصف التسعينات بدا أن الأمور في طريقها للتغير، فلم تصمد المسلسلات الأخيرة مثل سابقتها وأضحت مؤشرات المتابعة والتقييم في تراجع متواصل، فبينما حصل المسلسل الأول بائع الحليب على تقييم 22.5٪ في عام 1975 انخفضت التصنيفات تدريجيا حتى حصلت ريمي في عام 1997 على 8.5٪ فقط. وجاء الوقت الذي أدرك فيه المنتجون أن روائع الأدب لم تعد تثير اهتمام المشاهدين الجدد مع تصاعد موجة (الشونين جامب) وقصص البطولة والخيال والمغامرة والكوميديا، وكل أشكال التسلية الأخرى الأكثر إثارة، لتجد نيبون أنيميشن نفسها أمام قرار صعب بإلغاء السلسلة عام 1997.
ما بين 2007 و2009 عادت الشركة لتنتج قصة كوزيت عن رواية (البؤساء) لفكتور هيغو و(رحلة بورفي الطويلة) عن رواية لبول بونزون حول فتى وأخته يتعرضان لليتم والضياع و(ذات الشعر الأحمر) التي أعادت بها سيرة حياة آن شيرلي (شما) في الملاجئ قبل قدومها إلى الـ Green gables. وبرغم تصنيفها ضمن سلسلة WMT إلا أنها افتقدت كثيرا تلك الروح الصافية التي ميزت روائع الأدب القديمة.