كيف رسم تاكاهاتا وميازاكي آفاقا أوسع لسينما الأنيمي ؟

مقال مترجم من الفرنسية بتصرف عن M.Leclerc

TAKAHATA / MYIAZAKI ©

عام 1992 خلال تنظيم المهرجان الـ 13 لسينما الطفولة باليابان، استمتعنا بأفلام أسطورية للأب الروحي للمانغا والأنيمي أوسامو تيزوكا، إلى جانب روائع من أفلام غيبلي بحضور المخرج الفذ أيساو تاكاهاتا فيما غاب زميله هياو ميازاكي لكونه مشغولا بفيلمه الجديد Porco Rosso .

من الأمور التي لا تخطئها العين هنا، أن جوانب كثيرة تغيرت في العالم الثقافي لبلاد الشمس المشرقة، فقبل سنوات قليلة فقط، كانت كلمة Cinema تحيل على الأفلام الأجنبية، الأمريكية خاصة، غير أن الأمر أصبح من الماضي مع موجة أفلام الأنيمي اليابانية التي قادها هياو ميازاكي منذ فيلمه المدهش Totoro وإيساو تاكهاتا مع النجاح المبهر الذي حققه بعمله (قبر اليراعات).

فعلى الرغم من الطفرة التلفزيونية التي حدثت منذ الستينات والتي جذبت إليها عددا كبيرا من العاملين في هذا المجال والمهووسين به، وجدت الأفلام الطويلة التي تصنع خصيصا للسينما طريقها إلى النجاح والرواج بشكل مثير للإعجاب مع Studio Ghibli الذي وضع حجر أساسه في الـ 15 من غشت عام 1985 بفضل إرادة قوية للمبدعين تاكاهاتا وميازاكي إلى جانب المنتج Yasuyoshi Tokuma مدير دار توكوما للنشر.

كان الهدف هو إنتاج أفلام أنيمي للسينما، عالية الجودة شكلا ومضمونا، مع ميزات تقنية غير مسبوقة في الرسم والتلوين والتحريك. ورغم التكاليف العالية التي يتطلبها إنتاج فيلم بمثل هذه المواصفات، إلا أن شركة توكوما كانت على قدر التحدي، فتحملت كافة الجوانب المالية والإدارية للمشاريع، تاركة هامشا واسعا من حرية الإبداع لأستوديو غيبلي ومخرجيه، وهو ما أعطانا لائحة من الروائع التي لا يمكن أن يطالها النسيان. (رايبوتا، توتورو، قبر اليراعات، كيكي الساحرة الصغيرة، ذكريات لا تنسى، بوركو روسو، بومبوكو، الأميرة مونونوكي، وعائلة يامادا).

عمل طاقم الأستوديو لعشرات السنين بدون توقف. كان الفريق ينقسم أحيانا ليعمل على فيلمين في الوقت نفسه بإدارة المخرجين البارعين حتى وإن لم تحظ قصة أحدهما بإعجاب الآخر. لقد كان العمل هناك مزيجا غريبا من المنافسة والدعم، في تعاون إبداعي نادر بين هذين الرجلين، بدأ منذ أول لقاء لهما في فيلم (أمير الشمس) وتواصل طوال عملهما معا في توي دوغا وأستوديو نيبون على الكثير من المسلسلات التلفزيونية الخالدة مثل عدنان ولينا، هايدي فتاة الألب، وشما في الواحة الغناء.

مصادر الإلهام كانت دوما أعمالا أدبية، روايات عالمية، أو قصصا مانغا حققت ما يكفي من الرواج التجاري في سوق النشر. «جل أعمالي ذات مراجع أدبية. وفي الواقع، ألفت اقتباس الروايات الأجنبية أثناء عملي على مسلسلات التلفزيون، لكن فيلم (قبر اليراعات) كان مختلفا، إنه يحكي قصة تبقى يابانية محضة مهما حققت من نجاح عالمي. وربما يمكن أن أقول الشئ نفسه عن فيلم Omohid Proporo». يحكي لنا إيساو تاكاهاتا. فيما يحيل ميازاكي على طفولته قائلا: «لا أنكر أنني تأثرت كثيرا في صغري بقصص جولي فيرن الخيالية، وقد طبع هذا عددا من أفلامي بعد ذلك. لكنني رجل مرتبط أكثر بالطبيعة، فأنا أعشق الماء والهواء والبراري. وعندما عملت على Totoro أملت حقا أن يشجع هذا الفيلم الناس على حب الأشجار والبيئة».

وعن جدارة، حظيت أفلام غيبلي بنجاح منقطع النظير سواء في اليابان أو بعد ترجمتها وتوزيعها في الأسواق الأمريكية والأوروبية. ويبدو أن الزمن الذي كان فيه موزعو الأفلام في الغرب يشتكون من أن أفلام الأنيمي القادمة من بلاد الشمس المشرقة «مغرقة في اليابانية» بحيث يصعب على أي جمهور أجنبي أن يفهمها، قد انتهى إلى غير رجعة. ومنذ أن رسم رواد غيبلي معالم الطريق، صنعت الكثير من أفلام الرسوم المتحركة للسينما بإنتاج محلي خالص أو بالتعاون مع شركات غربية، وإن اختلفت قصصها، فإن اللمسة اليابانية الساحرة تظل طابعها المميز.