ليس معتادا أن تكون الذئاب شخصيات لطيفة في كتب الأطفال وأفلام الرسوم المتحركة. أو على الأقل هذا ما علمتنا إياه ليلى ذات الرداء الأحمر. لكن هذا المسلسل جعلنا ننظر إليها بطريقة مختلفة تماما، وندرك أنها تشكل عائلة كبيرة لا تكاد تختلف عن البشر خيرا وغدرا.
بلا أدنى شك، يمكن اعتبار الكابتن ماجد، ودايسكي غرندايزر والنمر المقنع وماوكلي فتى الأدغال من أكثر الأبطال الذين قدموا من كواكب مختلفة من عالم الرسوم المتحركة، لينسجوا بخيوط مغامراتهم المذهلة ومبادراتهم الجريئة شرانق خيالية تبرعمت بداخلها شخصياتنا الطفولية (بدءا من جيل الثمانينات) ثم تفتحت متألقة بالحلم والعزم والإيمان بغد جميل تتحقق فيه الأماني وينتصر فيه الخيرون. ولو لنا أن نختار لهم إسما جامعا يليق بهم لاستعرنا من أغاتا كريستي عنوانها الأنيق (الأربعة الكبار).
نال ماوكلي فتى الأدغال أو JB Shonen Mowgli شهرة واسعة بوصفه مسلسل أنيمي ألفه Kimio Yabuki وأخرجه Fumio Kurokawa لشركة نيبون أنيميشن مقتبسا عن رواية كتاب الأدغال Jungle Book وهي باقة حكايات خرافية جمعها عام (1894) الكاتب والشاعر الإنجليزي Rudyard Kipling الذي تعرفه سجلات جائزة نوبل بكونه أصغر من نالها في فرع الأداب (1907) عمرا، وأول من حازها عن إبداع بالإنجليزية لغة. وإن كان الكثير من النقاد يشيرون إليه بوصفه عرابا للإمبريالية الغربية حتى أن الظريف جورج أورويل أطلق عليه مرة لقب (نبي الإمبراطورية البريطانية).
وبالرغم من الاقتباس المتكرر لقصته على مدى سنوات في شكل أفلام 2D أو 3D للتلفزيون حينا وللسينما أحيانا، فإن النسخة التي منحت ماوكلي جواز سفر مكنه من زيارة كل بلدان العالم كانت هي المسلسل الياباني الذي وزعته TV Tokyo عام 1989 في 52 حلقة نفذ إنتاجها أستوديو Nippon Animation.
تصور حكايات كتاب الأدغال مجرى الحياة في إحدى غابات الهند كما تعيشها حيوانات أشهرها ذئاب (أكيلا) والنمر (شريخان) والدب (بالو) والفهد الأسود (باغيرا)، إلى جانب الشخصية البشرية المؤثرة في القصة والتي يمثلها الفتى (ماوكلي) الذي ترعرع كفرد من قطيع الذئاب. وتكاد تشابه قصص (كليلة ودمنة) في كون ظاهرها يوحي بمغامرات حيوانية مشوقة فيما يخفي باطنها تساؤلات فلسفية عميقة عن الحرية والسلطة ومكانة الإنسان في بيئة يحكمها قانون غابوي يمنح الغلبة دائما لمن هو أقوى.
تبدأ أحداث قصة المسلسل مع ضياع الصغير ماوكلي وسط أدغال الغابة بعد أن أخطأ والداه بتركه وحيدا في خيمتهما. ومع كل منابع الخطر التي تحيط به، استطاع الطفل أن ينشأ تحت رعاية أسرة من الذئاب تكونها الأم (لوري) والأب (ألكساندر) والأخوين الصغيرين (أكرو) و(سورا) وبموافقة خاصة من العجوز (أكيلا) قائد القطيع. ولم يلبث الصبي الغريب أن حظي بإعجاب حيوانات متنوعة أخرى، فكبر سليما جريئا يمتلك من القوة ما يحفظ له مكانته ليس وسط قطيع الذئاب فحسب، بل في الغابة كلها، متصارعا على الزعامة مع النمر الشرس شريخان وتابعيه الذين تقدح عيونهم شررا وتنبض قلوبهم مكرا.
بمبادرة من الشركة الدولية لإنتاج الكرتون وتحت إشراف ماهر الحاج ويس، تم الحصول على حقوق تعريب المسلسل من منتجه الأصلي، ليكون من أوائل الأعمال التي دبلجها مركز الزهرة (Venus) بدمشق، بأصوات مبدعيه المتميزين أمل حويجة وأنجي اليوسف وفاطمة سعد وأيمن السالك وفاروق الجمعات ومازن الناطور وعلي القاسم وجمال نصار، مع افتتاح كل حلقة واختتامها بأغنية شارة لطيفة أبدعها طارق العربي طرقان تأليفا ولحنا أما الأداء الغنائي فكان للفنانة ثائرة حويجة.