سندباد : رحلة مغامرات بحرية تموج بالتشويق

حينما استلهم المنتجون اليابانيون قصص التراث العربي

NIPPON ANIMATION ©

نادرة هي الحالات التي لجأت فيها شركات المانغا والأنيمي إلى كتب التراث العربي لاقتباس قصص أو استلهام شخصيات منها. لكنها حينما فعلت قدمت لنا مسلسلا طفوليا في غاية التشويق والمتعة عن السندباد المغامر.

مغامرات سندباد أو كما سمي في نسخته الأصلية Arabian naito shindobatto no bôken مسلسل رسوم متحركة ياباني من 52 حلقة أنتجته شركة نيبون أنيميشن من تأليف Shinichi Yokimuro وإشراف فني لـ Fumio Kurokawa .

عرض المسلسل لأول مرة عام 1975 وقدم في قالب من التشويق والإثارة البصرية ما عهدناه من المغامرات المعروفة في كتاب ألف ليلة وليلة عن ملاح عربي من بغداد يهوى الإبحار نحو المجهول ويحكى لنا في قصصه عن المتاعب والمصاعب التي واجهها في البر والبحر. ولأن حكايا هذا المغامر البحري كما وردت في المأثور الأدبي القديم لا تتعدى السبع، فقد كان من الضروري أن يطلق المؤلفون العنان لخيالهم، ليبحروا مع السندباد في عوالم أخرى ويخوضوا معه معارك ضد السحرة الأشرار والغيلان البشعة والسلاطين المتجبرين، مستعينين بشخصيات تراثية أخرى لا تربطها (في الواقع) أي علاقة مع سندباد بغداد.

إذ يبدو أن (علي بابا) أغلق الكهف المسحور على الأربعين لصا ليرافق السندباد في رحلاته البحرية، ثم التحق بهما (علاء الدين) لكن من دون مصباحه السحري، الذي استبدل به عكازة للضرورة بعد أن أصبح شيخا لا حاجة به لكل هذا التعب الذي يتجشمه من أجل أن نستمتع نحن بحلقات مشوقة. أما (ياسمينة) أنثى الغراب اللطيفة التي يقولون إنها فتاة مسحورة والتي تحمل في النسخة اليابانية اسم Shiērā فهي شخصية لا غنى عنها هنا، وإن كنا لا ندري حقا من أين جاءت.

بخلاف حكايات ألف ليلة وليلة التي قدمت السندباد على أنه رجل ناضج، كان بطل هذا المسلسل فتى صغيرا (ابن للتاجر الثري هيثم) يعيش في بغداد على ضفاف نهر دجلة إبان العصر الذهبي للمدينة خلال حكم العباسيين (هارون الرشيد). كان الصغير منجذبا بشدة إلى الحكايات التي يرويها عمه (علي) كلما عاد من أسفاره البحرية الطويلة، ويمني نفسه بأن يسمح له بمرافقته يوما. وبطريقة ما يقتنع الأب ويسمح للسندباد بالسفر مع عمه في رحلة انتهت بكارثة في جزيرة الحوت، إذ غرق العم وعدد من البحارة وهرب آخرون تاركين الفتى مع ياسمينته في عرض البحر. ليبدأ من هناك سلسلة مغامراته بين الجزر الغريبة والمدن البعيدة والصحارى القاحلة والجبال السحرية.

مرت سنوات طوال غيرت الكثير في عالمي المانغا والأنيمي، وظهر (إيتشيرو أودا) كواحد من جيل السبعينات الذين صنع السندباد وغيره من أبطال تلفزيون ذلك الوقت أحلام طفولته، فقرر عام 1997 أن يعيد كتابة تاريخ مغامرات البحار لكن من وجهة نظر القراصنة هذه المرة، في رائعته (وان بييس) التي فاق خيال مغامراتها وجنونه كل ما رآه السندباد في حياته.

وزعت شبكات تلفزيون عالمية مسلسل مغامرات السندباد على نطاق واسع، بعد أن تمت دبلجته إلى لغات عدة، ومنها اللغة العربية التي أنتجت نسختها في أستوديوهات شركة فيلملي اللبنانية، لصاحبيها الممثل والمخرج نقولا أبو سمح وزوجته ماري. وقام بأداء أصوات شخصياته الرئيسية كل من أنطوانيت ملوحي (سندباد) وجيزيل نصر (ياسمينة) ووحيد جلال (علي بابا) وعبد الكريم عمر (علاء الدين) ووفاء طربيه (حسن وضياء) وعبد المجيد مجذوب في دور راوي الحكاية.

ورغم أن دبلجة بداية التسعينات (قبل ظهور مركز Venus السوري) لم تكن ذات مستوى لغوي أو فني عالي، إلا أن المسلسل حظي بإعجاب الأطفال من الخليج إلى المحيط، فتابعوا رحلاته بعيونهم وقلوبهم على حد سواء.