معهد السيناريو ـ الدرس السابع : كيف أتميز؟

هل يكفي الخيال والأسلوب لصنع كاتب بارع؟

OWNER ARTIST ©

everybody walks past a thousand story ideas every day. the good writers are the ones who see five or six of them while most people don’t see any. (Orson Scott)

حاول أحد فتيان العرب قديما أن ينظم الشعر غير أنه استعصى عليه، فلجأ إلى شيخ حكيم يستلهم منه النصيحة، فأمره أن يتفرغ لحفظ ألف مقطع لسابقيه من الشعراء. وبعد أن حفظها عاد إليه ليسأل عن الخطوة التالية فقال الحكيم «حين تنساها ستغدو شاعرا». لقد كانت الحكمة وراء هذا الأمر أن يتشبع الفتى بإيقاعات القصائد ومعانيها ثم ينسى مضامينها وكلماتها، حتى يتمكن من إبداع نصوصه الخاصة دونما نقص ولا تقليد. ولعلنا اليوم في حاجة إلى اتباع النهج نفسه وإن اختلف السياق.

في الواقع، لا شيئ مثل كثرة القراءة بتنوع واستمرار (بشكل أسبوعي على الأقل) يمكنه أن يطور أسلوبك في الكتابة. قراءة تشمل القصص والروايات والمجلات وغيرها من الكتب المتنوعة، ولكن تحتوي أيضا النوع السردي الذي يهمنا هنا وهو السيناريو. ومع توفر شبكة الأنترنت لم يعد من الصعب العثور على النصوص الأصلية لباقة من أفضل أفلام السينما بمختلف أنواعها، إذ يكفي أن تكتب في خانة محرك البحث عبارة (Pdf Script) متبوعة بعنوان الفيلم الذي تبحث عنه حتى تجد عشرات المواقع التي تعرض روابط لتحميله.

وإذا كانت قراءة سيناريوهات الأفلام المميزة مفيدة لصقل أسلوب الكاتب المبتدئ، فإن للمشاهدة أيضا أثرها الذي لا يمكن إنكاره إن عرفت كيف (تشاهد). فكأي متلقي عادي، قد تسحرك أحداث المسلسل (أو الفيلم) وشخصيات القصة وحبكتها، فتتسارع أنفاسك وأن تركض مع البطل، أو تنزل دموعك وأنت تبكي مع البطلة، أو تتألق عيونك وأنت ترى لقائهما الأخير. وفي غمرة هذا الاندماج العاطفي الكامل مع القصة تنسى أنك اخترت هذا العمل الفني أصلا لكي تتعلم منه مهارات التعبير السيناري، لذا تبقى المشاهدة الثانية ذات أهمية كبرى. فلا تحرم نفسك شعور الاستمتاع بمتابعة القصة المشوقة حتى النهاية، لكن عد مرة أخرى وشاهد نفس العمل مرة ثانية وثالثة ورابعة. وتأكد أنك في كل مرة سوف تنتبه لزاوية لم ترها من قبل، وتكتشف أسرارا جديدة ستستغرب كيف غابت عنك حتى الآن.

لا يهم إن كنت تكتب قصصا للأطفال أو روايات لليافعين والشباب أو سيناريوهات لشركات الإنتاج الفني، فما دمت تشعر في أعماقك أن أكثر ما تريد أن تفعله في هذه الحياة هو سرد الحكايات ولديك ما يكفي من الإرادة والشغف فقد خطوت نحو مصيرك أول خطوة لكنك مازلت بحاجة لمزيد من النضج السردي.

الثقافة الشاملة المتنوعة: ليس مطلوبا أن تكون من فئة (النخبة المثقفة) بل المقصود بكل بساطة هو أن يكون لديك بعض من سعة الإطلاع والفضول لجمع معلومات مختلفة ومتنوعة من كل مجال، طبعا ليس عليك أن تجمعها كلها مرة واحدة قبل أن تبدأ كتابة قصتك أو مسلسلك، لكن سيكون من المفيد أن تأخذ فكرة واضحة جدا عن أي موضوع تكتب فيه.

الشرود والخيال الخصب: لا نعرف كيف يمتلك بعض الناس المقدرة على فتح بوابة عالم الخيال والتجول في متاهاته بينما يفتقدها آخرون. ربما هي كثرة القراءة أو المشاهدة أو حتى الوحدة والانعزال، ربما هو الملل والتضايق من عالم واقعي رتيب، وربما هو انقطاع التيار الكهربائي قبل أن تنتهي الحلقة ما يدفعك لإتمامها (من رأسك).

التركيز ودقة الملاحظة: الانتباه إلى التفاصيل الصغيرة ميزة أخرى لا نمتلكها جميعنا مادامت طريقة عمل أدمغتنا مختلفة. يصعب اكتساب دقة الملاحظة أو محاولة تطويرها عبر ألعاب سخيفة مثل (اكتشف الفروقات العشرة) فلا داعي لهذا التعب وإن غابت دقة الملاحظة عليك بالتركيز وتحليل كل ما يحدث ويقال.

الصبر وعدم التسرع: إن أفضل القصص والمسلسلات هي حتما ليست تلك التي تنتهي بعبارة مثل: وهكذا تزوج الفتى الأميرة وعاشا في سعادة وهناء. فهذا فقط للحكايا القديمة الطيبة أما كتابة مسلسل أو فيلم احترافي فتتطلب معالجة بطيئة توفي كل مشهد حقه قبل الانتقال لما يليه، وتحافظ على حبل التشويق الذي يشد القارئ المشاهد ولا تفلته حتى النهاية.