ما سر العيون الواسعة في المانغا اليابانية؟

Yukako Ikezoe عن موقع Japansociology (بتصرف)

DOGA KOBO ©

لطالما كانت هناك مناقشات مثيرة للجدل حول سبب امتلاك شخصيات المانغا اليابانية لعيون واسعة. وما إذا كانت هذه العيون الجميلة تعني أن الشعب الياباني يتلهف لها؟ لكن هل يحتمل الأمر فعلا هذا التأويل؟

يدين رسامو المانغا اليابانية حتى اليوم للفنان أوسامو تيزوكا بفضل كبير نظرا لما أورثهم من تقنيات وأساليب طبعت هذا الفن بمزايا فريدة. كان لمسرحيات (تكارازوكا) التي اصطحبته أمه لمشاهدتها مرارا تأثير واسع على أسلوب تيزوكا الفني، ليس فقط من حيث تصميم أزياء شخصياته، بل يبدو أنه استوحى منها حتى تلك العيون اللامعة والتي كانت لمسة عبقرية مازال تأثيرها مستمرا في فن المانغا والأنيمي حتى اليوم، ولا يبدو أنه يمكن أن يزول. هنا في هذا المقال الصغير، يشرح لنا الكاتب (يوكاكو إيكيزوي) سر العيون الواسعة التي تميز المانغا في بلاد الشمس المشرقة.

ربما كان القراء الأجانب يتساءلون عن مظهر الشخصيات في المانغا والتي قد تبدو بشكل ما أقرب للميزات التي تملكها الأجناس القوقازية، بما في ذلك العيون المستديرة والشعر الأشقر. بعد قراءتي لمقالة تيري كواشيما حول (رؤية الوجوه : تحدي الفنون البصرية للاختلافات العنصرية)، بدأت أتساءل أيضًا لماذا تبدو أعين الشخصيات في المانغا اليابانية كبيرة، على الرغم من أنني لم أفكر أبدًا في ذلك من قبل.

وبالتفكير في الغرض الحقيقي للرسم بهذا الأسلوب، من وجهة نظر يابانية، أود أن أقول إن هذا ليس بسبب رغبة اليابانيين اليائسة في الحصول على عيون كبيرة مثل القوقازيين، ولكن الأمر ببساطة، لا يعدو أن يكون خيارا فنيا. لأن العيون الكبيرة هي واحدة من أهم التقنيات التي تمكن الرسام من التعبير عن الشخصيات وجعل أفكارها ومشاعرها أسهل وصولا للقراء. ففي المانغا حيث يتم استخدام الصور والأيقونات وحتى الكتابات كلغات مرئية على الرسام أن يبذل كل جهد ممكن لإيصال الفكرة والسماح لقارئه بفهم ما تفكر فيه الشخصيات. ولذلك وجدوا أنه يمكن قراءة أفكار الشخصيات بسهولة من خلال النظر إلى تعابير الوجه بشكل عام، والعيون بشكل خاص، فهناك مثل شهير معناه أن “العين نافذة العقل”.

هذا التفسير يجعلنا نفهم بوضوح سر العيون الواسعة في المانغا اليابانية. إنها في الواقع ليست إلا تعويضا عن الأصوات أو المؤثرات التي تمكننا من فهم المواقف والمشاعر التي تعبر عنها الشخصيات بسهولة أكبر، وحركات العين المختلفة تعتبر وسيلة مساعدة مركزية للكتاب والرسامين وكذلك للقراء.

يمكن اعتبار العيون الواسعة من بين التقنيات الأساسية التي تهدف لإضفاء تعبيرات ثرية على الأحرف. وقد بدأ أوسامو تيزوكا الشهير ككاتب ورسام مبدع للمانغا اليابانية، باستخدام هذه التقنية منذ بدايته، لما لمس فيها من قدرة فائقة على تجسيد أحاسيس الشخصيات، وربما فعل ذلك بتأثير من رسومات ديزني الأمريكية. ولقد بقيت أعمال تيزوكا منذ ذلك العهد أساسًا لجميع تقنيات وأساليب المانغا اليوم. وعلى الرغم من موافقتنا على حقيقة أن أساليب رسم الشخصيات تتأثر أيضا بالفنون القادمة من الغرب، فإننا لا يمكن أن نقول إن ذلك يخفي رغبة اليابانيين القوية في الظهور بملامح غير ملامحهم الأصلية.

إنني أجد نفسي دائما مندهشا بقوة هذا الأسلوب عند قراءة المانغا، لأن الشخصيات مع كل هذه التعبيرات مختلفة والأحاسيس المتنوعة التي تظهرها العيون الواسعة، قد تقوم مقام الكثير من الكلمات، وتدفعني إلى التعاطف مع الشخصية أو التأثر بها. وهذا بالتأكيد سيكون شأن الكثير من محبي المانغا عبر العالم. ومرة أخيرة أقول إنه مجرد أسلوب رسم فريد الهدف منه فني محض وهو إضفاء مزيد من المشاعر على شخصيات القصص، وسواء كانت مانغا أو أنيمي فإنه يبدو في غاية الوضوح أنها تقنية ناجحة وفعالة.