عالم Arietty السري : خوف وشجاعة وقطعة سكر

حكاية عن المستعيرين الصغار الذين يعيشون جوارنا

STUDIO GHIBLI ©

لم يكن المؤلف الياباني الكبير هاروكي موراكامي أول من أبدع فكرة (الأناس الصغار) في روايته الثلاثية الشهيرة 1Q84. فقد سبقته إلى ذلك وبعشرات السنين الكاتبة البريطانية كاثلين ماري نورتون (1903-1992) في حكايتها المسلسلة للأطفال (The Borrowers).

نشرت ماري نورتون عبر مؤسسة JM.Dent أول جزء من قصتها (المستعيرون) عام 1952 مزينة برسوم أبدعتها ديانا ستانلي. وسرعان ما لاقت إقبالا طيبا من الأطفال والمدارس، فحازت جوائز عدة ونالت لقب رواية السنة وقصة الأطفال البريطانية الأكثر رواجا في الخارج. مما شجع المؤلفة على تحويلها إلى رواية مسلسلة، مواصلة إبداع مغامراتها وإصدار فصولها إلى أن ختمتها عام 1982.

ترصد الأجزاء الخمسة للرواية حياة عائلة (كلوك) الأب (بود) والأم (هوملي) وصغيرتهما (أرييتي). الذين ينتمون إلى فصيلة (المستعيرين) وهم أناس صغار جدا يعيشون في مخابئ سرية في منازل البشر، ويحيون مثلهم تماما، ويستعيرون منهم، بدون إذن طبعا، كل ما يحتاجونه من أغراض.

خلال رحلة استعارتها الأولى مع أبيها، تحاول (Arietty) وهي فتاة يافعة يدفعها الفضول دائما إلى الخروج من مخبئ أسرتها للتجول في حديقة البشر الكبار أو التسلل إلى منزلهم متحدية كل المخاطر، الحصول على أغراض جديدة، غير أن أمرها ينكشف عندما تمكن من رؤيتها الفتى (Sho) الذي تم إرساله من الهند ليعيش مع عمته في إنجلترا لبعض الوقت ريثما يشفى من مرضه. وبعد الكثير من التردد يتعارف شوو وأرييتي ناسجين بينهما علاقة صداقة جميلة. ولأن إنجليزته ليست جيدة، فقد كانت الفتاة الصغيرة تقرأ له ما يشاء من كتب، وبالمقابل يوفر لها كل ما تريد ليريحها من تعب مغامرات الاستعارة.

بعد اكتشاف محاولات الفتى للاقتراب عبر أرييتي من عالم الأناس الصغار، يقرر أبواها الرحيل، وقد زادتهما رعبا وإصرارا ملاحقات الخادمة (Haru) التي اكتشفت مسكن العائلة الصغيرة واستدعت شركة لمكافحة الحشرات للقضاء عليهم جميعا. ودون أن يعرف الفتى (شوو) مصير صديقته (أرييتي)، ينتهي الفصل الأول من الحكاية بفكرة الهروب المفاجئ، قبل أن تعود الكاتبة في الأجزاء التالية لتكشف لنا أن أسرة السيد (كلوك) استقر بها المقام في كنيسة قديمة، بعدما قابلت في طريق رحلتها الطويلة شخصيات أخرى منها الطيب ومنها الشرير كما هو الحال دائما في كل مكان من العالم.

جذبت قصة (Arietty) انتباه منتجي افلام الأطفال مبكرا، فتم شراء حقوق اقتباسها في أعمال تلفزيونية أمريكية منذ 1973 وأخرى بريطانية من إنتاج شبكة بي بي سي عامي 1992 و1997. وفي 2010 أعاد هاياو ميازاكي كتابة سيناريو القصة ليتم إنتاجها على شكل فيلم أنيمي في استوديوهات غيبلي بعنوان (Kari gurashi no Arietti) أو عالم أرييتي السري. تحت إدارة تقني شاب من فريق التحريك في تجربته الإخراجية الأولى هو Hiromasa Yonebayashi.

أقدم غيبلي على إجراء تعديلات مهمة على القصة عند اقتباسها، فإلى جانب تغيير أسماء الشخصيات، تم تجاهل فكرة مساعدة أرييتي لشوو في قراءة الكتب، وإضافة مشاهد ختامية لوداع الصديقين قبل الرحيل. فيما تضمنت النسخة الإنجليزية إشارة إلى أن (شوو) عاد بعد فترة ليبحث عن (أرييتي)، لم يعثر عليها لكنه كان سعيدا حينما لاحظ أن بعض الأغراض الصغيرة تختفي من مطبخ المنزل.

تم الانتهاء من العمل بحلول شهر يوليو التالي. وكما كانت إيرادات الفيلم في دور السينما باهرة جدا إذ حقق 145 مليون دولار، استقبله النقاد بترحيب إيجابي، ونال جائزة Japan Academy Prize في دورتها الـ 34. ثم بيعت حقوق دبلجته في نسختين إنجليزيتين من بريطانيا لاستوديو كنال ومن أمريكا لشركة ديزني، وهو ما ضاعف من نجاحه وشهرته عبر العالم.