موكاموكا : أنا دينصور ولست تنينا يا عم طارق!
حين تمزج التربية بالتسلية في مسلسل غير عادي
ليس من الغريب أن يخرج دينصور صغير من بيضة، لكن ليس من المألوف أيضا أن يحدث هذا في مدينة معاصرة فيعتبر فتاة صغيرة بمثابة أمه، ويحول بيتها ومدرستها وكل يومياتها إلى فوضى مرحة تفيض بالمتاعب والمقالب.
في الواقع، هناك أشياء كثيرة تثير الريبة في قصة هذا الدينصور الصغير الأخضر، فقد ظهر لأول مرة في رواية طفولية من تأليف فوميكو شيبا (Fumiko Shiba) التي يمكن تصنيفها كاتبة نادرة الظهور قليلة الإنتاج. وحين قررت شركة Shogakukan نشر القصة على شكل مانغا متسلسلة، كان غريبا أن تكلف برسمها الفنانة يوميكو إيغاراشي (Yumiko Igarashi) التي عرفت بأسلوب مختلف تماما في الرسم لكونها متخصصة في قصص الفتيات ذوات الشعر الأشقر المتموج والعيون الزرقاء اللامعة، وهي التي حققت شهرة كبيرة في هذا النمط عبر سلسلتيها كاندي كاندي (1975) وجورجي (1982).
نشرت المانغا (مغامرات / كوميديا) في مجلة الشوجو Ciao في قرار غريب آخر وتواصل صدورها ما بين 1993 و94، ثم جمعت فصولها في ثلاث مجلدات. وحينما قررت شركة نيبون أنيميشن Nippon Animation تحويلها إلى أنيمي، تم إنتاجه في السنة نفسها ليوزع على شبكات التلفزيون في 51 حلقة، وليس 52 كما هو معهود في أغلب المسلسلات لدواعي تغطية سنة كاملة من البث بمعدل حلقة جديدة كل أسبوع. كيف عجز المنتجون عن إضافة حلقة واحدة في قصة بمغامرات منفردة لا تخضع لإكراهات الخط السردي! لا أحد يدري.
عموما، تبقى قصة موكا موكا ممتعة للغاية، وقد جرت أحداثها في بلدة يابانية هادئة، حيث يملك السيد بازو وزوجته متجرا لرعاية الحيوانات الأليفة التي يقضيان بين أقفاصها معظم وقتهما. عثر الرجل ذات مرة على بيضة غريبة فقرر أن يعتني بها ولما حان موعد فقسها خرج من بين قشورها دينصور صغير أخضر. ولأن ابنة صاحب المتجر كانت أول من وقعت عليها عيناه، فقد ظن أنها أمه فظل يرافقها حيثما ذهبت ليل نهار. ورغم المتاعب التي سببها لها في البيت والشارع والمدرسة، إلا أن صداقة جميلة جمعت بينهما وبين باقي رفاق الدرب الصغار.
ومع أنه أدرج في اليابان تحت صنف الـ(شوجو) ونشرت فصول قصته المرسومة على صفحات مجلة بناتية، إلا أن قصة موكا موكا الطفولية جعلته أقرب إلى صنف الـ(كودومو) فكان من الأعمال التي لم تتطلب الكثير من التعديل أثناء إعداده للترجمة، كما أن مركز الزهرة (Venus) السوري الذي حصل على حقوق تعريب المسلسل قرر الاحتفاظ بالأسماء اليابانية لشخصياته مع تصويبات بسيطة جدا لتسهيل النطق، ودبلج حلقاته كاملة ليقدمها في نسخة عربية رائعة، تفتتح بأغنية لطيفة من توقيع طارق العربي طرقان. أما تسجيل الأصوات فقد عهد به إلى نخبة من فناني الدوبلاج في مقدمتهم آمنة عمر وميادة درويش ومروان فرحات إلى جوار رأفت بازو وأنجي اليوسف ومأمون زرقان وبثينة شيا ومأمون الرفاعي ومجد ظاظا وأيمن السالك وزياد الرفاعي وأمال سعد الدين.
وما إن تم بث أولى حلقات نسخة فينوس، حتى تمكن هذا الدينصور المشاكس الصغير الذي تصفه أغنية الشارة العربية بأنه تنين حلو ولطيف (سامحك الله يا عم طارق) من جذب انتباه الصغار وإثارة اهتمام الكبار، ليغدو واحدا من تلك المسلسلات المدهشة التي عرفت كيف تمزج بذكاء بين التربية والتسلية لتبقى خالدة في قلوب جيل محظوظ فتح عليها عيونه في وقت كان فيه التلفزيون مركز الترفيه العائلي الوحيد في البيت.