روايات المانغا : رحلة من الرسم إلى النشر

المراحل الأساسية لصناعة القصص المرسومة في اليابان

SHUEISHA / PIERROT ©

تعتبر صناعة المانغا في اليابان من أكثر القطاعات رواجا وربحا في عالم النشر. ورغم أن عدد كبار المشاهير محدود إلا أن وراء كل رواية جديدة تنشر، جيش من رجال الظل العاملين في الكواليس.

ما يزيد عن 20 مجلة مانغا يتم نشرها كل أسبوع في اليابان. ومن بين هذه المجلات تبيع مجلة ويكلي شونين (كودانشا) وشونين جامب (شويشا) وشونين سانداي (شوغاكوكان) أكثر من 6 ملايين نسخة في الأسبوع الواحد (حسب تقديرات عام 2005). وتحقق مجلات الشوجو الموجهة للفتيات أرقاما أقل من ذلك بقليل. أما على المستوى الخارجي، فقد غدت روايات المانغا من أهم صادرات اليابان الثقافية التي تغزو العالم بأكمله.

تمر عملية إصدار رواية مانغا جديدة بالعديد من الخطوات التي قد تختلف بين مانغاكا وآخر أو من شركة نشر إلى أخرى غير أن مراحل الإنتاج يمكن إجمالها بشكل عام في أربع : التصور ـ التصميم ـ البناء ـ والرسم.

التصور: بمثابة عملية تأليف تحدد الشكل العام للقصة. هذه المرحلة لا تتضمن الرسم إنما مجرد تحديد لصنف الرواية ونوعها ومسار الأحداث وحبكتها إلى جانب الشخصيات والأفكار الرئيسية.

التصميم: تصميم الشخصيات الرئيسية التي تحرك الحدث في القصة. والأمر هنا لا يقتصر على رسمها فقط، بل يتم إعداد بطاقة هوية لكل شخصية تتضمن صفاتها الجسدية والنفسية، وأهم ما يميزها أو الأسرار الخطيرة التي ستظهر في وقت لاحق وتؤثر على مسار القصة.

البناء: يشرع المانغاكا في رسم مسودة بسيطة تسمى (Name) ويركز على الحوارات من أجل إيضاح أفكار القصة. يتم إرسال المخطط للمحرر فإذا نال إعجابه يمنح المانغاكا موافقته للانتقال إلى مرحلة إعداد لوحة المشاهد (StoryBoard). وليس من المفترض أن تكون القصة المرسومة في هذه المرحلة مفصلة بدقة لكن يجب أن يكون مسار الأحداث واضحا. يتم إعداد 20 صفحة لكل فصل من المانغا الأسبوعية و50 للشهرية. وبعد الفحص والمناقشة يسجل المحررون تعليقاتهم على المانغا والتعديلات التي يقترحونها.

قد تبدو مرحلة تقسيم المقاطع (Panels) وهي المساحات التي ترسم فيها أحداث القصة في صفحات المانغا من العمليات السهلة، غير أنها ذات تأثير واضح في تحديد إيقاع القصة. فمانغا الشوجو مثلا تتسم بإيقاع بطيئ للأحداث لهذا نجد خلاياها قليلة وكبيرة الحجم على عكس قصص الشونين المليئة بالسرعة والإثارة. وعموما لا تزيد المقاطع عن ستة أو سبعة بكل صفحة. علما أن الرسامين لا يلزمون أنفسهم باحترام حدود المقاطع دائما بل يرسمون خارجها من حين لآخر لدواعي فنية مثل إبراز حركة أو انفعال مهم.

الرسم: تبنى القصة في شكلها النهائي على المخططات التي وضعها المانغاكا صاحب القصة أو المسؤول عن الرسم فيها. في هذه المرحلة يتم الانتباه إلى كل التفاصيل وتقديم رسوم في غاية الإتقان. يقوم المانغاكا بتحبير مخطوطاته وهذه العملية مهمة أيضا وحساسة، فأي خطأ في التحبير لا يمكن التراجع عنه. بعدها يتدخل عدد كبير من المساعدين لتوفير الجهد والوقت. ويؤدون بالضبط العمليات التقنية التي يطلب منهم المانغاكا تنفيذها. وما إن تصبح الرسوم واضحة في كل صفحة حتى نصل إلى مرحلة Screentone وهي تقنية إضافة الظلال وتفاصيل الأسطح للأجسام. يتم إضافة السكرينتون يدويا عن طريق أوراق طبعت عليها أشكال جاهزة أو آليا عن طريق برامج تحرير الصور مثل الفوتوشوب.

وفي المرحلة الأخيرة تتم إعادة كتابة عبارات الحوار لتصبح المانغا جاهزة للنشر. يقوم محررو المجلات باقتراح القصص الجاهزة على مدراء الإنتاج لبرمجة إصدارها. ويجب أن تكون هناك 3 فصول على الأقل جاهزة تماما قبل الانطلاق في مغامرة النشر المتسلسل مع التشديد على المانغاكا وفريقه بضرورة الالتزام بمواعيد تسليم الفصول التالية. أما حينما يكون المشروع فرديا أو صغيرا لم يبلغ بعد مرحلة النشر المتسلسل فقد يرغب المانغاكا في إرسال قصته للمشاركة في المسابقات الكثيرة التي تنظم هناك وربما يفضل تجربة النشر الذاتي (دوجينشي).