معهد السيناريو ـ الدرس الرابع : شخصيات نحبها

كلما قسوتك على بطلك أكثر زاد إعجاب المشاهدين به

OWNER ARTIST ©

when I read a good story, I often start thinking «Should I live my life according to what this character chooses and values»? (Jenova Chen)

تبنى القصص على فكرة (الصراع) بين الخير والشر، فمهما اختلفت الأزمنة والأماكن والمواضيع يبقى هذا هو المحور الأساسي لفن السرد الحكائي منذ الأزل. ولأن أي صراع يتطلب طرفين على الأقل، فإن اختيار البطل الحامل لهدف قصتك (وهي قصته في الوقت نفسه) واختيار خصمه الرئيسي (قد يسميه البعض البطل المضاد) يغدو أمرا في غاية الأهمية. وأنت على مشارف الشروع في الكتابة، ينبغي أن تركز بشكل جدي على مسألة ابتكار شخصيتي البطل والخصم ومنحهما ما يكفي من الصفات الجسدية والنفسية التي تجعل الجمهور القارئ أو المتفرج يحب البطل ويتعاطف معه ويسانده للوصول إلى هدفه، وفي المقابل يكره الخصم ويخافه ويدعو من أعماق قلبه ألا تنجح خططه الماكرة.

يملي علينا الضمير الداخلي (بتأثيرات دينية وثقافية وتربوية) دائما أن البطل يجب أن يكون في صف الخير وخصمه شريرا. وهذا هو الحال في أغلب الأعمال القصصية كتبا وأفلاما، ولكن هناك من المؤلفين من ينظر للأمور من زاوية أخرى، ويعالج فلسفة الخير والشر بطريقته الخاصة، فيقدم لنا في قصصه نماذج مربكة قد نحبها ونخشاها ونساندها ونعارضها في آن واحد. ولعل أحد أبرز الأمثلة هنا هو الثنائي (Light) و(L) من مانغا (مذكرة الموت).

عندما نقول أن الشخصية يجب أن تتمحور حول (بطل) فليس المقصود أن يكون بالضرورة خارقا يتمتع بقوة كبيرة أو مزايا مدهشة. فكل شخص في الحياة يمكن أن يكون بطلا وسط ظروفه الخاصة بمجرد قدرته على اتخاذ قرار بالتحدي. إن كانت (كوزيت) وهي خادمة صغيرة وضعيفة في بيت (تيناردي) عقدت العزم على الصبر والعيش على أمل عودة والدتها فهي بطلة. وإن كان (ناروتو) طالب قرية النينجا الفاشل الذي لا يجيد أي مهارة مثل أقرانه يحمل في أعماق صدره حلما كبيرا واستعدادا لفعل أي شيئ لتغيير نظرة الناس إليه فهو بطل. وبالعودة إلى ما تراكم طوال التاريخ من قصص متنوعة، تجد دائما أن الناس يحبون (البطل) الذي يبدأ طريقه عاجزا مترددا أمام مصاعب أقوى منه بكثير فلا يلفي أمامه حلا غير أن يقاوم ويجاهد حتى يتغلب عليها. وقد حظي (غون فريكس) من مسلسل القناص بإعجاب المشاهدين كونه فتى عادي مثلنا ينهزم ويهرب ويبكي ويرتكب الأخطاء قبل أن يتعلم منها. إن البطولة في قصص الكتب والأفلام وربما في الحياة ككل ليست سوى نتيجة للتحدي.

وأنت ككاتب ينبغي أن تعرف كل شيئ عن بطلك حتى ماضيه الذي لا نراه في الفيلم أو المسلسل. وإلى جانب وصف هيئته وشكله تسجل في مذكرتك معلومات وافية عن وضعه الاجتماعي وحالته النفسية وقيمه الأخلاقية، ومدى ارتباطه بالهدف الذي يسعى لتحقيقه عبر مراحل القصة. ونفس هذا الأمر ينطبق على الخصم (ضد البطل) وعلى جميع الشخصيات المؤثرة في القصة.

للشخصيات الثانوية والعابرة أيضا قيمتها التي تفرض على الكاتب أن يحسن اختيارها بكل اهتمام. وهي إلى جانب أدوارها في مساندة البطل ومساعدته لبلوغ هدفه (وقد تكون لهم أيضا أهداف خاصة بهم) أو معارضته والوقوف في طريقه قبل أن يجابه الخصم الأكبر شرا، يفضل المؤلفون غالبا تكليفها بمهمات أخرى تصب كلها في صالح الشخصيات الرئيسية. فقد نجد منها مثلا شخصية المساعد الغبي الذي يخلق فقط من أجل تكسير صرامة الخصم الشرس وخلق فترات من المرح بغبائه وعدم فهمه للأمور وتنفيذه للمهام بشكل سيئ ومع ذلك لا يطرد ولا يقتل ولا يقدم استقالته، بل يبقي عليه المؤلف لأنه يحتاج إلى جانب مهمته السابقة إلى من يتبادل الحوارات مع الزعيم لفهم خططه. ومن النماذج الشهيرة أيضا نموذج الثنائي المضحك كشخصين غريبي الأطوار يرافقان البطل في رحلته أو يساعدان الشرير في مهمته (بيدرو وسانشو في الأحلام الذهبية أو نيتشي وساتشي في الوميض الأزرق).

وإذا كانت الشخصيات العابرة ترى في مشاهد قليلة ثم تختفي مثل سائق تاكسي أو مضيفة فندق، فهذا لا يعني إهمالها خاصة إذا كنت تكتب مسلسلا طويلا بعدد خيالي من الشخصيات (مثل قراصنة وان بيس) فأنت لا تريد أن تفقد أي عضو من (كومبارس) الشخصيات العابرة. لذا حافظ عليها في مذكرتك وإن اختفت من أحداث القصة فقد تحتاج إلى إعادتها للحياة ذات يوم. تماما كحاجتك إلى متابعة الدرس الخامس حيث نتحدث عن جوانب أخرى هامة كالحبكة والحوار.